ینبغی أن یدرس نهجه فی الحوزات العلمیة و یصبح برنامجاً دراسیاً.
وقال سماحته فی هذا المؤتمر: من خدمات الاسلام المهمة لعالم البشریة إحداث طفرات علمیة و أمواج من المعرفة التی حدثت فی ضوء التعالیم القرآنیة للناس، یحث المصحف الشریف على العلم و المعرفة فی کل مکان منه، و سجدة آدم فی الحقیقة سجدة للعلم و المعرفة.
و تابع سماحته مشیراً الى اهتمام الاسلام بالعلم قائلا:
لا تتلخص دعوة الاسلام للتعلم بالعلوم الاسلامیة و الدینیة، بل تشمل جمیع فروع العلوم الریاضیة و الطبیعیة أیضاً، و یحظى طلاب العلم باحترام و تقدیر الاسلام.
و ذکر سماحته أنّ الموقف الوحید للقرآن و الاسلام و النبی(صلى الله علیه وآله) هو الفکر و أضاف:
أدت التعبیرات القرآنیة الى حدوث موجة من العلوم فی المجتمع الاسلامی ووصلت الى مختلف أرجاء العالم، حتى إنّ أمماً تفتقر الى أدنى مقومات القراءة و الکتابة تبوأت موقعاً متقدماً فی مختلف العلوم فی ظل القرآن الکریم، مما حدا بأعداء الاسلام و المتعصبین الى الاشارة الى ذلک فی کتبهم التاریخیة.
و طالب هذا المرجع بتدوین تاریخ العلوم الاسلامیة لاسیما العلوم الطبیعیة و الریاضیة و قال: لاینبغی أن یتصور الشباب الجامعیون أنّ العلم و فد الى الدول الاسلامیة من أوربا، بل على العکس من ذلک انتقلب العلوم من الدول الاسلامیة الى الغرب و أوربا; إنّ فزع و رعب الشرق من علم و تکنولوجیا الغرب یفضی الى رعبه من ثقافته و خشیته من الناحیة السیاسیة أیضاً; اذا رغبنا بعدم الوجل من سیاسة و ثقافة الغرب فیجب أن نزیل الرعب العلمی أولا، و أحد أسالیب ذلک التأکید على عراقة و أسبقیة العلوم النیرة للمسلمین و السعی لجمعها من کتب الغربیین أنفسهم، فمن حسن الحظ لدیهم اعترافات کثیرة فی هذا الصدد.
قسم سماحته العلماء المثقفین بالثقافة الاسلامیة الى طائفتین، الطائفة الأولى صانعة للتغییرات و الثانیة مواصلة لطریق الطائفة الأولى و أردف قائلا: عدد من قام بالتغییر لیس بالکثیر بید أنّ عملهم على درجة عالیة من الأهمیة، و کان هؤلاء یتسمون بأربع میزات، المیزة الأولى امتلاکهم علماً غزیراً و ابداعاً علمیاً و ذکاءاً خارقاً; الثانیة معرفتهم بالزمان و اغتنامهم للفرصة، أی کانوا مطلعین على عصرهم و زمانهم و عرفوا مقتضیات العصر، و دخلوا المیدان بکامل و عیهم; و الثالثة شجاعتهم فمن الممکن أن یکون الشخص مبدعاً و عالماً، لکنّه لایجرؤ على ایجاد التغییر; و الرابعة تقتهم العالیة بأنفسهم، حیث یطلق على ذلک فى ثقافتنا الثقة بالله.
و شدد سماحته على أنّ هؤلاء الأفراد استطاعوا إیجاد قفزة فی العلوم فى ظل هذه المیزات، فتارة أجدوا تحولا فی حق الحکومة الاسلامیة نظیر الامام الخمینى(قدس سره)، و تارة فی میدان الشؤون الاجتماعیة و فیما یتعلق بالحدیث و ما شاکل ذلک، و المرحوم العلامة شرف الدین واحد ممن یمکن وصفه بالموجد للتغییر حقاً.
و عدّ سماحته نضال العلامة شرف الدین ضد الاستعمار الفرنسی فی لبنان ثم إحراق بیته على أیدی الفرنسیین أنفسهم دلیلا على شجاعة هذا العالم و أضاف: رحل العلامة شرف الدین بعد عمر ناهز 88 عاماً و خلف وراءه عشرات الکتب و مئات المقالات، و قد تمیزت جمیع کتبه بمعرفة العصر، أی کان یحدد آلام المجتمعات الاسلامیة بدقة ثم یقدم له العلاج الأنجع.
و قال سماحته آخذاً نتاجات العلامة شرف الدین بعین الاعتبار: یقول العلامة: اجتهد بعض الأفراد فی صدر الاسلام فی مائة مورد مقابل النص القرآنی و روایات النبی(صلى الله علیه وآله) و وضعوا النص جانباً، و قد سلط الضوء على العدید من المباحث فی تلک الموارد المذکورة; کان الأسلوب الذی یتبعه العلامة فی کتبه رائعاً جداً الى درجة تأثر کل من طالع کتبه بذاک الأسلوب البدیع، إنّ عالمنا الاسلامی بحاجة ماسد الى هذا الأسلوب.
و استطراد سماحته قائلا: أنا أعتقد أنّ التضامن الذی حصل فی لبنان مؤخراً فی أعقاب الدعوة التی وجهها حزب الله لباقی الفئات، و الاستعراض الذی أحرج المستعمرین وقصم ظهورهم کان من برکات أفکار العلامة شرف الدین و أمثاله.
ینبغی علینا اتباع هذا النهج; إن غضضنا النظر عن الفئة السلفیة المتعصبة و الوهابیة الضالة فإنّ المسلمین یسیرون بهذا الاتجاه; یجب أن نقف بقوة حیال الأعداء الأقویاء لنتمکن من إحیاء هذا المذهب; لایجب أن یصطف المسلمون الیوم أمام بعضهم البعض، بل یجب أن یتکاتف الجمیع فی یوم ارتفعت رایة الاسلام فی العراق على ید المرجعیة و فی لبنان على ید حزب الله و فی ایران کذلک; ینبغی أن یدرس نهج العلامة بصفته برنامج دراسی فی الحوزات العلمیة.