و ضمن إبداء ارتیاحه من إقامة هذه المؤتمرات أضاف سماحته قائلا: تترک هذه المؤتمرات انطباعاً عاماً و آخر خاصاً على الأفراد; فأحد أبعادها إحیاء آثار هؤلاء العظام على أحسن وجه، و کفى بهذه الفائدة فضلا و فخراً.
لقد تضاءل الارتباط بین الجیل الجدید و الکثیر من الأعاظم، و نحن نعلم بأنّ کل مجتمع رهین بتعاقب الأجیال و مدى الترابط فیما بینهما، فان وهن هذا الترابط تلاشت قیمة ذلک المجتمع.
و مضى سماحته قائلا: إن أحییت ذکریات و آثار وثقافة و مدرسة هؤلاء الأعاظم فهذا یعنی توثیق الارتباط بین الجیل الحالی و الأجیال السالفة، و سوف نجد فی ذلک حیاتنا الواقعیة.
الفائدة الأخرى المتوخاة هی أنّها تکشف عن کون المجتمع شاکراً، و فی هکذا مجتمع تترسخ الدوافع لاسیما لدى الشباب منهم. إنّ لهذه الاجتماعات تأثیراً معنویاً أیضاً، أی إنّ الله تعالى یرعى المجتمعات التی تحیی آثار رجالاتها.
و ضمن تبجیل سماحته للعلامة شرف الدین اعتبر مرحلة حیاته تشبه عصرنا الحاضر الى حد کبیر و قال: تارة یولد الانسان فی الوقت المقرر و تارة أخرى یولد قبل أوانه و تارة ثالثة بعد أوانه. فالامام الخمینی(قدس سره) و من ماثله ممن ولد قبل أوانه أی استبق زمنه یسببون حدوث تحول فی مجتمعاتهم، و المرحوم شرف الدین من هذا النوع، نحن نرى أنّه ینسجم مع هذا العصر; کان هؤلاء یرون المستقبل و یجهزون أنفسهم له بما یمتلکونه من حصافة و حکمة، لذا یعتبر إحیاء تراثه ذا نفع کبیر جداً.
إن التعامل بروح المجاملة الذی یجب على سائر المسلمین الأخذ به یُرى بوضوح فی کلماته و کتبه، فالمرحوم شرف الدین من الشخصیات التی تعد أنموذجاً یحتذی به الجمیع. حاز هؤلاء تجارب بوسعها أن تشکل ثروة لنا. السعید و المحظوظ من استطاع أن یصنع من تجارب الآخرین سلماً لرقیه.
و ختاماً أکد سماحته على الاستفادة من آداب المرحوم شرف الدین و أردف قائلا: استعمل العلامة شرف الدین أدباً خاصاً فی کتاباته، فان تعلم جیلنا الحالی هذا الأدب و خاطب به الآخرین فخیراً فعل، لاسیما فی الظرف الراهن، حیث یجر أعداؤنا الوهابیون المتعصبون أذیال الخیبة و الخسران و یسیرون نحو الهاویة، و قد ظهر جیل منهم یحبذ الحوار و التفاهم، ففی هذه الظروف یمکن لمدرسة شرف الدین أن تکون ذات تأثیر ناجع فى هذا المضمار.