خطاب سماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مدَّ ظلُّه) فی بدایة درسه خارج الفقه فی آ

خطاب سماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مدَّ ظلُّه) فی بدایة درسه خارج الفقه فی آ


ضمن إشارة سماحته إلى تزامن بدایة العام الدراسی مع ولادة الإمام الباقر ـ علیه السلام ـ قال: أرجو أن یکون لنا عام دراسی مبارک فی ظلِّ عنایات أهل البیت علیهم السلام، لکی نتمکن من خلال ذلک أداء واجباتنا.‌

 ضمن إشارة سماحته إلى تزامن بدایة العام الدراسی مع ولادة الإمام الباقر ـ علیه السلام ـ قال: أرجو أن یکون لنا عام دراسی مبارک فی ظلِّ عنایات أهل البیت علیهم السلام، لکی نتمکن من خلال ذلک أداء واجباتنا.

أشار سماحته إلى قول الإمام الباقر ـ علیه السلام ـ: ((عالم ینتفع بعلمه خیر من سبعین ألف عابد))(1)، وقال فی إیضاحه: العبادة مسألة مهمة، حیث قال فیها القرآن الکریم: (ما خلقت الجنَّ والإنس إلاَّ لیعبدون)، کما أن العبودیة جاءت قبل الرسالة فی التشهُّد (أشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله). رغم کل هذه الأهمیة التی تحضى بها العبادة جاء حدیث الباقر ـ علیه السلام ـ نفضّل فیه العلم على العبادة.

مقام العالم مقام رفیع وذو شأنٍ عظیم، إذا قدّرنا تلک النعمة، بشرط انتفاع الناس ونهلهم من علمه واهتداءهم بنجمه المضیء وصیرورته بمثابة السفینة التی تنجی الناس وتنتشلهم من بحر الظلمات إلى شاطئ الهدایة. إنَّ عالماً من هذا القبیل أفضل من سبعین ألف عابد.

کما ذکّر سماحته بأنَّ عالماً قد یهتدی به ملایین من البشر، وکلُّ واحد من هؤلاء المهتدین قد یکون خیر ممَّا أشرقت الشمس علیه، ولذلک یقال: إذا دار الأمر بین عبادة مستحبة واکتساب العلم ترجّح اکتساب العلم، حتى فی لیالی القدر التی هی لیالی العبادة والإحیاء. ودلیل ذلک واضح، لأن شأن العلماء والأنبیاء والأولیاء والله تعالى هو هدایة البشر، ولذلک کان العالم أفضل من سبعین ألف عابد.

ثم قال موصیاً الفضلاء وطلاب الحوزة العلمیة: أیُّها الإخوة، اسعوا لنشر العلم بنفس المستوى الذی تسعون فیه اکتساب العلم، ومحتکرو العلم مسؤولون عند الله، وعلیکم هدایة الناس بقلمکم وبیانکم وتدریسکم وموعظتکم وبخاصة فی هذا العصر والزمان حیث أصبح المستکبرون فی العالم المانع الأساس من تقدُّم البشریة نحو الدین بالخصوص الإسلام وبالأخص دین الشباب الذی یضایقهم.

أصبح الدین عقبة أمامهم فی جنوب لبنان وفی الأراضی المحتلة وکان کذلک فی الحرب التی فرضت، وبخاصة ذلک الدین الذی یتربّى تحت ظله الشباب. ولهذا وجّهوا کلَّ إعلامهم صوب الإسلام، فکانوا یقولون أحیاناً بانفصال الدین عن السیاسة، بینما الإسلام دین لا یمکنه أن ینفصل عن الإنسان ولو للحظة، فهو معه منذ لحظة ولادته، ودین من هذا القبیل لا یمکنه أن ینفصل عن السیاسة، وفصل الدین عن السیاسة یعنی محو الإسلام وهدم العقائد والأخلاق.

ومؤخراً تبلورت حملاتهم الثقافیة بواسطة الانترنت، الشبکة التی سلبت الدنیا الأمان من الناحیة الأخلاقیة، واستخدموا فیها أسوء أنواع الإهانات والوسائل المخرّبة الثقافیة، التی لا یرتکبها الإنسان لو کان یحمل ذرَّة من الإنسانیة والشرف والدیانة.

وفی مجال إیجاد الحلول لمواجهة هذه الظروف قال: الیوم علینا الإطلاع على خطط الأعداء والتجهّز والإعداد التعبوی لمواجهة هذه الخطط. ومن المفرح أن الإسلام یشکّل جاذبة وعاملاً مهما للتقدُّم والوقوف أمام الأعداء، وهو آخذ بالتقدُّم ویعلو حتى فی أمریکا وأوربا المصدران الرئیسیان لهذه الهجمات. وهذه الجاذبة هی التی تعیننا للوقوف أمامهم؛ لأن الدین متطابق مع الفطرة، وقد سأم الناس أکاذیب المستکبرین وتخرّصاتهم.

الیوم بات المستکبرون غیر ملتزمین بمواثیق وعهود المؤسسات والمنظمات التی أسسوها هم بأنفسهم، ویقولون: نهاجم کل مکان نجد مصلحتنا فی الهجوم علیه.

هذه الأخلاقیة جرّت الشعوب إلى الیأس، وترکتهم یذعنون بانعدام ما یلجأون إلیه إلاَّ الدین، وعلینا استغلال الظروف الحالیة ولنتعلم عن الإسلام أشیاءً أکثر، ولنعمل أکثر، ولنبلّغ أکثر، ولندعو أکثر ولنکن واعین أمام الأعداء.

فی نهایة حدیثه دعى سماحته للطلاب والفضلاء وتمنّى لهم الموفقیة، کما أشار إلى نقاط ثلاث هی: النظم والجدیة والإخلاص وقال: إذا اجتمعت هذه الثلاث فالله یضمن لکم الموفقیة والتقدُّم، وعلیکم تقلیل العُطل، ولا تنسوا ما أثرنا من مناهج تقلیدیة ربَّت علماء من قبیل المطالعة والمباحثة والکتابة والإعادة والتکرار.

________________________

(1) بحار الأنوار ج75.

الوسوم :
captcha