الجواب:
لا شک ولا ریب أن الشعائر الحسینیة من أفضل الشعائر الاسلامیة التی ورثناها عن أهل بیت العصمة (علیهم السلام)، وربما ما زال الوقت مبکراً لإدراک عظمة عاشوراء الحسین (ع) وبلوغ کنهها.
لقد کانت لتلک المراسم دور کبیر فی صیانة المذهب على مرّ التاریخ، وما الانتصار فی الحرب المفروضة على الجمهوریة الاسلامیة، وانتصار حزب الله فی جنوب لبنان على الکیان الصهییونی الغاصب، والنجاح الباهر الذی أحرزه الشیعة فی العراق إلا نماذج مما تحقق فی ظل هذه الثورة المبارکة، فلولاها لکانت ایران والعراق ولبنان تنحو منحى آخر.
إن الجاذبیة فی هذه المراسم بلغت حداً عالیاً حتى سجل زائروا العتبة الحسینیة فی کربلاء أعلى رقم قیاسی فی التاریخ فی أربعیینة الامام الحسین لهذا العام، إذ بلغوا زهاء عشرة ملایین زائر، وذلک رغم المخاطر الجمة التی تهددهم.
نعم، لما رأیت تلک المناظر المدهشة لحرکة الزائرین على أقدامهم الحافیة برفقة الأطفال الرضع والنساء والکهول الى ملاذ العاشقین والمحبین، لکم تمنیت أن أکون بین تلک الجموع المؤمنة الزاحفة الى قبر المولى أبی عبد الله (ع).
وعلى هذا الأساس، یحاول الأعداء طمس هذه الشعیرة أو التخفیف من تأثیرها وجمالیتها أو التقلیل من عظمتها عبر زج الخرافات والبدع فیها. وفی هذا السیاق أدعو کافة المؤمنین الى رعایة النقاط التالیة:
1- نحن نعیش الیوم فی زمن نحتاج فیه الى الوحدة أکثر من أی زمن مضى، فالدول الأوربیة تعاضدت وتآزرت مع بعضها البعض من أجل الاساءة الى النبی الکریم (ص)، والکیان الصهیونی المحتل یرتکب الجرائم تلو الجرائم بحق الشعب الفلسطینی المظلوم، کما ویخطط بمعونة أمریکا للقضاء على حزب الله فی جنوب لبنان. وفی العراق نشاهد إخواننا وأخواتنا کل یوم یذبحون على أیدی الوهابیین المتطرفین، والقوى الاستکباریة تحوک المؤامرات لیل نهار للاطاحة بالحکومة الشیعیة الوحیدة فی العالم المثملة بالجمهوریة الاسلامیة فی ایران.
أی عقل یسمح بتأجیج الفتن وإثارة الخلافات فی مثل هذه الظروف الحرجة التی یمر بها العالم الاسلامی ویدعو للبقاء بمنأى عن المخاطر الکبیرة التی تواجه الاسلام وأهله؟
2- یجب إقامة مراسم العزاء بکل عظمة وأبهة وینبغی أن یکون کل عام أفضل من سابقه رغماً عن أنف الأعداء، کما یجب إدانة کل ما من شأنه أن یمس عظمة هذه المراسم المعنویة الخالدة؛ فمن المستحیل أن یکون الانسان شیعیاً ولا یرغب بتعظیم مثل هذه المراسم التی امتزجت بأرواح محبی أهل البیت (ع).
أما طریقة إقامة هذه المراسم فیجب أن تتم بالشکل التقلیدی المستوحى من تعالیم أئمة الهدى (علیهم السلام) وبإرشادات العلماء المحترمین فی البلدان المختلفة؛ وینبغی أن ترفع الرایات الحسینیة فی کل مکان، وتسیر مواکب اللطم على الصدور والضرب بالسلاسل بشکل منظم فی کافة الشوارع والأزقة؛ لکن یجب الحذر الشدید لئلا یظهر بعض الجهلة عبارات تصب فی إطار الغلو والکفر (لا قدر الله)، ولا ینبغی على المعزین إیذاء أبدانهم بشکل جاد، ولا یمارسوا ما من شأنه الاساءة الى المذهب بنظر العموم لئلا یضعون بید الأعداء الذریعة لتوجیه حرابهم الى المذهب، کما وأن الالتزام بذلک یحبط مخططات المتآمرین.
3- ینبغی على الخطباء فی خطبهم والرثاة فی رثائهم وقراءتهم للأشعار الحماسیة أن یسعوا لتوحید الصفوف ورصها، ونشر أهداف سید الشهداء (ع) التی هی عبارة عن توعیة الناس ونشر الأحکام القرآنیة وکسب العزة والشرف والتحرر والأمر بالمعروف والنهی عن المکر ومکافحة الظلم والفساد. وما أروع أن تسجل هذه الأهداف فی ضمن شواهد تاریخیة فی الکتب المدرسیة للمدارس والجامعات لیصبح الشباب المؤمنون مصداقاً حیاً لقول "عارفاً بحقه".
4- أعرب عن خالص تحیاتی ووافر شکری لکل من ساهم بشکل من الأشکال خلال هذین الشهرین العزیزین فی إقامة مجالس العزاء وبذل جهوداً فی هذا الطریق، سائلاً المولى العلی القدیر أن یرفع من قدر هذه الأمة ویرفع رأسها عالیاً فی ظل الألطاف الالهیة المتواصلة وتحت لواء سید شهداء أهل الجنة الامام الحسین (ع) وتحت رعایة الامام صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشریف)، وأطلب من الجمیع أن لا یقوموا بما یعکر صفو هذه المراسم التی أقیمت على أکمل وجه فی هذا العام بتأجیج الخلافات وإدخال السرور على قلب أعدائنا.
وفقکم الله تعالى دائماً وأبداً