بسم الله وله الحمد
لقد أوردت هذه الفتوى سابقاً مشروطة و هی مذکورة فی رسالة توضیح المسائل فی حرمة التدخین (السجائر و ما شابهه) إن شهد أهل الاختصاص و الخبرة بضرره. و بالالتفات الى الشهادة الاخیرة التی قدمها طائفة من الاطباء من ذوی الاختصاص و الملتزمین من أساتذة الجامعات، و بالنظر الى الاحصاءات المرعبة التی وصلتنا و هی تتحدث عن الوفیات الناشئة عن التدخین إلى جانب ما یؤدی إلیه من أمراض خطیرة، فقد أصبحت مخاطر التدخین من الحقائق المسلمة التی لا یمکن إنکارها، بل أن الضرر لیعم حتى أبناء المدخنین و من یجالسهم. و من هنا أفتینا بالحرمة المطلقة. و أسأل الله سبحانه أن یحفظ کافة مسلمی العالم و لا سیما الشباب الاعزاء الذین یذهبون ضحیة هذه المصیبة الالیمة من شر هذا الخطر العظیم، و أن یجدوا فی مراقبة أنفسهم و یحذروا من أصدقائهم. إن شاء الله نشهد الیوم الذی یطهر فیه مجتمعنا الاسلامى من هذا التلوث الخطیر.
11/10/2003 م
ناصر مکارم الشیرازی
* * *
نشیر هنا بصورة إجمالیة إلى أدلة الفتوى بسبب کثرة طلبات الاخوة الفضلاء.
1- صرحت الایة 195 من سورة البقرة قائلة «و لا تلقوا بأیدیکم إلى التهلکة» و قد کشفت التقاریر الطبیة أن عدد الوفیات الناشئة من دخان السجائر قد بلغ خمسة ملایین شخص سنویا، أما الاحصاءات التی تحدثت عن الامراض الخطیرة التی تصیب القلب و جهاز التنفس بسبب التدخین کثیرة جدا. و علیه فالتدخین مصداق لالقاء النفس فی التهلکة.
2- قاعدة لاضرر و لا ضرار فی الاسلام. فالذی یستفاد من مختلف الروایات أن مناسبة القاعدة و إن کان الاضرار بالاخرین، إلا إننا نعلم أن شأن الورود لایحدد المفهوم العام للقاعدة، فهی تشمل الاضرار بالنفس أیضا.
3- جاء فی الحدیث المعروف فی فقه الإمام الرضا(علیه السلام): کل امر یکون فیه الفساد مما قد نهى عنه... فحرام ضار للجسم و فساد للنفس. کما ورد شبیه هذا الحدیث فی تحف العقول.
و طبق هذه الروایات یحرم کل شیىء یضر بالبدن (طبعا الاضرار الجزئیة الکائنة فی کل الاشیاء و لا یمکن إجتنابها فهی خارجة و المراد الاضرار الکلیة).
4- إعتاد البعض أکل الطین و هو ما عبرت عنه بعض الروایات الاسلامیة بنوع من الوسواس و قد ورد النهی عنه بشدة لأنه یضر بالانسان. حیث ورد فی الروایة: إن الطین یورث السقم فی الجسد و یهیج الداء.
و من هنا ذکر المرحوم الشهید فی کتاب المسالک من جملة أدلة التحریم «بما فیه من الاضرار الظاهر للبدن». و کل ذلک یدل على أن حرمة الاشیاء الضارة من المسلمات. حتى قیل بوجوب ترک الصوم إن کان فیه الضرر، کما یستبدل الغسل و الوضوء بالتیمم إن کان فیه ضرر.
5- لو أغضضنا النظر عن کل ما سبق فطبق القاعدة الاصولیة المسلمة «کلما حکم به العقل حکم به الشرع» لیس هنالک من مجال للتردید فی مسئلة حرمة التدخین فی عصرنا الحاضر بعد أن أثبت الاطباء و ذوی الخبرة و الاختصاص أضراره التی تصیب الجمیع، و هذا ما دعى کافة المراجع للافتاء بحرمة المخدرات.
* * *
آراء المختصین بشأن أضرار التدخین
لما کانت وظیفة الفقیه هی تشخیص الحکم و تعیین الموضوع لأهل الخبرة، نترک الحدیث لجمعیة مکافحة التدخین التی تضم فریقا من الاطباء من ذوی التجربة و أساتذة الجامعات و أهل الخبرة و الاختصاص:
* التدخین هو العامل الرئیسی أو المساعد فی ظهرو أکثر من 50 نوعاً من الامراض و 20 نوعاً من السرطان.
* بلغت عدد الوفیات خمسة ملایین نسمة سنویا بسبب التدخین (یعنی مایفوق خسائر الحرب العالمیة الاولى! حیث أودت تلک الحرب التی دامت عشر سنوات بحیاة عشرة ملایین نسمة، أما ضحایا التدخین فقد بلغ عشرین ملیون فی العالم خلال أربع سنوات).
* یبلغ عدد الوفیات عام 2020 م ما یقارب عشرة ملایین شخص فی السنة بسبب الأمراض الناششة عن التدخین، مع هذا الاختلاف و هو أن سبعة ملایین منهم نصیب الدول النامیة و ثلاثة ملایین فى البلدان المتقدمة.
* بالنظر لما تدره صناعة الدخان من أرباح للشرکات المنتجة المتعددة الجنسیات و خاصة الشرکات الأمریکیة، إلى جانب القیود الجدیة التی تفرضها البلدان الغربیة و أمریکا بالذات على العرض و الاستهلاک بالنسبة للسجائر فان میزان الاستهلاک آخذ بالانخفاض فی هذه البلدان، و من هنا فهی ترتکب مختلف الحیل و الالاعیب و بشکل رسمی و غیر رسمی (التهریب) لایجاد أسواق إستهلاکیة فی البلدان الفقیرة و النامیة.
* یصل المبلغ الذی ینفقه الایرانیون فقط کل یوم على السجائر لما یربو على ثلاث ملیاردات تومان أی یقارب عشرة ملایین مدخن (أی أن المبلغ المصروف سنویا أکثر من ألف ملیارد تومان).
* عادة ما تنفق الدول أکثر من ضعف مبلغ إستهلاک السجائر لعلاج الامراض و العوارض الناشئة عن التدخین، حیث یبلغ هذا المقدار فی إیران ستة ملیاردات تومان یومیا (و أکثر من ألفی ملیارد تومان سنویا).
*یدخن سنویا فی ایران 54 ملیارد سیجارة، حیث یتم إنتاج 12 ملیارد منها محلیا، و الباقی عن طریق التهریب (أی أن 70% من أموال السجائر تذهب إلى الخارج).
* هنالک إستهداف للفتیة و شباب البلاد ممن تتراوح أعمارهم بین العاشرة إلى الخامسة عشرة للتدخین و الادمان.
* التدخین عند الشباب نافذة على الادمان و سائر الانحرافلات الاجتماعیة.
* یتعرض الأفراد غیر المدخنین و لا سیما أطفال المدخنین و أزواجهم لذات الاضرار التی تصیب المدختین بفعل الدخان، حیث یجبر هؤلاء الأفراد على فقدان سلامتهم و صحتهم.
* تنتبح الشرکات الأمریکیة سنویا ما یقارب 000/000/000/000/6 سیجارة یستهلک 3% منها فی أمریکا، بینما یتجه 97% منها الى سائر البلدان، و لا سیما البلدان الفقیرة و النامیة و من هنا تربح هذه الشرکات الأمریکیة سنویا ما یربو على 300 ملیارد دلار عن هذا الطریق، أی ما یعادل عشرین سنة من المبیعات النقطیة لایران.
جمعیة مکافحة التدخین