بیان سماحة آیة الله العظمى الشیخ مکارم الشیرازی دام ظله حول الفجائع الأخیرة فی لیبیا وسکوت العالم الإسلامی قبالها

بیان سماحة آیة الله العظمى الشیخ مکارم الشیرازی دام ظله حول الفجائع الأخیرة فی لیبیا وسکوت العالم الإسلامی قبالها


‌ ‌ ‌ لماذا التزم زعماء الإسلام، والعلماء، والسیاسیون بالصمت؟ لِمَ هذا الصمت من منظمة المؤتمر الإسلامی؟ لِمَ لا تفعل الجامعة العربیة شیئاً؟ هل نُثِر على رؤوسهم تراب الموت؟‌

بسم الله الرحمن الرحیم

لِمَ هذا الصمت من العالم الإسلامی؟!

إن ما یحدث حالیاً فی لیبیا فجائع لا سابق لها فی العالم. فحاکم لیبیا المجرم الظالم الطائش الذی یحکم لیبیا بالظلم منذ 42 عاماً یقوم حالیاً باقتراف المجازر بحق الشعب الللیبی، ویعرّض لیبیا للخراب، مستعیناً فی ذلک بکل الوسائل العسکریة، والعجیب فی الأمر هو اکتفاء العالم الإسلامی بالمشاهدة والصمت قبال هذه الجرائم الکبیرة.

ألم یأمرنا القرآن الکریم بقوله عزّ من قائل: «وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّى تَفِیءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ» سورة الحجرات: الآیة9.

لا حاجة للنزاع والعراک، ولکن لماذا التزم زعماء الإسلام، والعلماء، والسیاسیون بالصمت؟ لِمَ هذا الصمت من منظمة المؤتمر الإسلامی؟ لِمَ لا تفعل الجامعة العربیة شیئاً؟ هل نُثِر على رؤوسهم تراب الموت؟ هل إنّ هذه المنظمات اُسّست لأغراض تشریفیة فقط؟

إنّ أقلّ ما یمکن أن تقوم به البلدان الإسلامیة هو أن یحذوا حذو الدول الغربیة بأن یقوموا بالاعتراف رسمیاً بالثوّار، وأن یعرّفوا حاکم لیبیا الفاسد وأعوانه بأنهم مجرموا حرب، ویطالبوا المحاکم الدولیة بمحاکمتهم.

هذا الأمر یشکّل دعماً وتعزیزاً للثوّار، ویجعل حاکم لیبیا المجرم مذعناً بأنه لا مستقبل له فی لیبیا، ویکون عاملاً مؤثّراً مهماً فی الحدّ من ارتکاب واقتراف الجرائم. ویجب عدم الاکتفاء بذلک أیضاً.

من البدیهی أن الحاکم الذی یرتکب هذا الکم الهائل من الجرائم التی لا سابق لها، لو فرضنا أنه تمکّن من استرداد سیطرته على کل المدن اللیبیة، وارتکب مذبحة بحق الشعب اللیبی، فمن المستحیل أنه سیتمکّن من الحکم فی المستقبل. فماذا ینتظرون؟ هل یریدون أن یعترفوا بشرعیة هذا الحاکم مرّة أخرى؟

أیها المسلمون: انتفضوا وثوروا قبل أن یتکرّر ویحدث فی الیمن وفی بعض البلاد الإسلامیة ما یجری حالیاً فی لیبیا.

إذا اکتفى الغربیون بالمشاهدة وبتضییع الوقت تجاه ما یحدث فی لیبیا وغیرها من البلاد الإسلامیة فهذا لیس بالأمر الغریب، بل هو دلیل واضح على أنهم یبغون ویأملون خراب الدول الإسلامیة، وزوال الموانع التی تمنعهم من تحکّمهم على البلاد الإسلامیة، بل إن ذلک مدعاة لسرورهم ورضاهم، ولکن لِمَ هذا الصمت من المسلمین؟

على الدول الإسلامیة أن تعلم جیّداً بأنه سیلحقهم وبال صمتهم وسکوتهم الرهیب تجاه الجرائم الکبیرة والمخیفة التی ترتکب حالیاً فی لیبیا. وقبل أن یتحقّق ذلک الیوم نأمل أن یتیقّظوا، وأن یعملوا بواجبهم الإنسانی والإسلامی. والله من وراء القصد.

والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته     

الوسوم :
captcha