رسالة سماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (دام ظله) لأمین عام منظمة المؤتمر الإسلامی

رسالة سماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (دام ظله) لأمین عام منظمة المؤتمر الإسلامی


ینبغی تشکیل هیئة للإشراف على الشؤون الثقافیة والدینیة فی الحرمین الشریفین، ووضع حدّ لهذه التصرفات المؤسفة، والبحث عن حلّ ومخرج...‌

سماحة الدکتور أکمل الدین إحسان أغلو

أمین عام منظمة المؤتمر الإسلامی المحترم

سلام علیکم

کما تعلمون فان مناسک "الحج" و"العمرة" أعظم اجتماع لأبناء العالم الإسلامی من مختلف القومیات والمذاهب فی زمان ومکان واحد، حیث من المطلوب استثمار ذلک فی اتجاه رص صفوف المسلمین، وترسیخ الوحدة الإسلامیة بینهم.

ولکن للأسف الشدید نشاهد فی السنوات الأخیرة تصاعد وتیرة تصرفات تصب فی مسار بث الفرقة من قبل ثلة من الوهابیین المتطرفین أثناء إقامة مناسک الحج والعمرة العظیمتین، واستغلالهم الفرصة لنشر وترویج الأفکار التکفیریة والداعیة لإستعمال العنف عبر توزیع مئات الآلآف من الکتب والمجلات الحافلة بالکذب والافتراءات ضد المذاهب الإسلامیة لا سیما "مذهب التشیع"، وتکفیر المسلمین من على منابر المساجد والحرمین الشرفین والبقیع. إن هذه التصرفات بدعة ولا مثیل لها، ولها تداعیات خطیرة.

وفی الآونة الأخیرة قام هؤلاء بإرتکاب جرائم بحق الشیعة من مواطنینهم لا تنسجم مع القوانین الإسلامیة ولا تتناغم مع القوانین الدولیة، حیث قامت مجموعة تسمى بهیئة الأمر بالمعروف بالاعتداء على نساء سعودیات شیعیات، والإشتباک مع الرجال، وجرح عدد منهم بإستخدام السکاکین، واعتقال عدد آخر منهم.

هذا فی الوقت الذی یعتبر هؤلاء "ضیوف الرحمن"، ویذهب القرآن الکریم إلى تساوی کل من تواجد فی هذه الأمکان المقدسة، حیث یقول: ( سَوَاءً الْعَاکِفُ فِیهِ وَالْبَادِ )(الحج: 25).

أنا شخصیاً طلبت ولمرات عدة من مفتی السعودیة الأعظم إجراء حوارات علمیة ومنطقیة ومناظرات دینیة فیما یتعلق بالمسائل الإختلافیه بین المذاهب الاسلامیة، ولکنهم بدل من أن یجیبوا على هذه الدعوات بالایجاب یفضلون ترویج افکارهم الخاطئة بین الحجاج والمعتمرین بإسلوب التعدی والإهانة، ومن الغریب جداً إنهم لا یسمحون للآخرین بتوزیع کتب للدفاع عن أنفسهم، وکأنهم یعتبرون الحرمین الشریفیین ملکاً شخصیاً لهم ولا یرحمون مواطنیهم ولا أبناء البلدان الإسلامیة الأخرى. 

أنتم تعلمون جیداً بأنن أی دولة عندما تمنح شخصاً تأشیرة دخول إلیها ملزمة حسب القوانین الدولیة بمراعاة آداب الضیافة معه، لا أن تتسب بإهانته وهتک حرمته. نحن نبهنا العلماء السعودیین والمسئولین المعنین عدة مرات، لکننا قلما وجدنا أذناً صاغیة. وبالإضافة إلى ذلک فإن القوانین الدولیة تحکم على الحکومات بضرورة حمایة حیاة وأموال وعرض مواطنیها.

نحن على ثقة ان منظمة المؤتمر الاسلامی وفی ظل المسؤولیات التی أخذتها على عاتقها لن تبقى مکتوفة الأیدی مقابل هذه التصرفات الداعیة للتفرقة، وستمنع التصرفات الاستفزازیة الرامیة لشق الصف الاسلامی، خصوصاً ان العالم الاسلامی یواجه أمامه عدواً خطیراً کالکیان الصهیونی، والذی یقتل أشقاءنا فی فلسطین بطرق مفجعة.

نحن نتوقع من منظمة المؤتمر الاسلامی وشخصکم، فی حال لم ترغب أو لم تتمکن الحکومة السعودیة من الوقوف بوجه تصرفات الوهابیة المتطرفة وهی زمرة تتحدى جمیع مسلمین العالم، أن تضعوا حلاً لهذه المشکلة عبر تشکیل هیئة من قبل المنظمة للإشراف على الشؤون  الثقافیة والدینیة للحرمین الشریفین، والتخلص من هذا الوضع المؤسف.

والسلام علیکم ورحمة الله

الوسوم :
captcha