و ضمن تقدیره لخدمات هیئة التحقیق و نشاطها المتمثل فی إعطاء القروض بلا أرباح، قال سماحته: جعل القرآن الکریم القرض الحسن بمنزلة الشهادة فی سبیل الله، فیقول: «إنّ الله اشترى من المؤمنین أنفسهم و أموالهم بأنّ لهم الجنّة»، فالشهادة فی سبیل الله معاملة مع الله تعالى، بشهادة القرآن و الانجیل والتوراة «وعداً علیه حقاً فی التوراة و الإنجیل و القرآن»، و یقول فی مکان آخر: «من یقرض الله قرضاً حسناً فیضاعفه له». المقترض هو الله جلّ و علا، فثواب القرضة الحسنة أکثر من الإنفاق أیضاً، لأنّ الإنفاق لایقبل کلّ شخص بأخذه بینما یقبل جمیع المحتاجین بأخذ القرضة الحسنة.
و أضاف سماحته: لمؤسسة القرضة الحسنة التی شکلت فی بلدنا منذ سنوات فوائد و برکات جمّة. أحد فوائدها کونها ملجأً للأشخاص الضعفاء، مثل حاجة الشخص لإجراء عملیة جراحیة لولده، أو حاجة إبنته لجهاز الزواج; ترتفع بعض ضروریات الحیاة الإجتماعیة بواسطة القرضة الحسنة.
الفائدة الثانیة أن یفهم الناس و المجتمع أنّ الدین لیس للآخرة و العبادة فقط، فإذا وقفوا تحت مظلة الدین فسوف ینجّی دنیاهم أیضاً، و القرضة الحسنة إحدى فروع المساعدات الشعبیة و الدینیة.
و ضمن إشارته الى حدیث النبی(صلى الله علیه وآله) القائل: «أفضل الناس من نفع الناس» أکد سماحته: إذا إستطعنا إحیاء ذلک الشعار فی الدنیا فسوف تزداد جاذبیة الإسلام أکثر، فمع ماللصلاة و الصیام و الحج من إحترام یؤکد على موضوع القرضة الحسنة أیضاً. إذن لو عمل القائمون على مؤسسة القرضة الحسنة بصورة جیدة، فبالإضافة الى نجاة الناس سوف یؤدی عملهم الى التبلیغ للدین الإسلامی، أی یؤدی الى إزدیاد جاذبیة الدین، و یقوی ارتباط الناس به أکثر.
و أضاف سماحته: إذا وجد صندوق القرضة الحسنة أو مستوصف الى جنب المسجد أو الحسینیة، فسوف یقولون أنّ المسجد لیس للصلاة فقط، و الحسینیة لیست للعزاء فقط، أولئک یوجدون حلولا لمشاکل الناس، طوبى للدین الذی یهتم بشؤون الناس من جمیع النواحی.
إعتبر سماحته مؤسسات القرضة الحسنة مؤسسات شعبیةً و طالب ببقائها کذلک و قال: لیس من المصلحة أن تتحول المؤسسات الشعبیة الى مؤسسات حکومیة، أخبرونا فی أحد الأیام أنّه فی المدینة الفلانیة یریدون أن یجعلوا المساجد تحت مظلة هیئة حکومیة، فکتبنا لعلماء تلک المدینة بصراحة لاتقبلوا ذلک و ارفضوه، لأنّ للمساجد هیئة أمناء شعبیة; نمر فی ظروف لاتسمح بالعمل دون تنظیمات، لذا یجب أن تکون هیئات الأمناء مرکزیةً لتستطیع الإشراف، و هذا یختلف عن جعلها حکومیة، مع أنّنا نعتقد بلاشک أنّ الدولة دولة إسلامیة و نحن دعمناها و ندعمها.
و أکد سماحته: القرضة الحسنة کانت مؤسسةً شعبیةً و سوف تبقى کذلک، لکنّ المؤسسات الشعبیة تستغل دائماً، من المحتمل أن یسرق خفّ فی المسجد فلا یجب عندئذ إغلاق أبواب ذلک المسجد، بل یجب الوقوف بوجه هذا الإنتهاک; یجب إصلاح الأعمال لا الأهداف. للأسف یختفی عدد من المستغلین خلف هذا الإسم، و یرتکبون الإنتهاکات المختلفة، لاسامحهم الله، الآن و قد حدث ذلک یجب قطع أیدی المستغلین و المنتهکین.
و أکمل سماحته: شعار الدولة هو تسلیم المؤسسات الاقتصادیة الى القطاع الخاص قدر الإمکان، لو حدثت حرکة عکس ذلک فتعتبر عمل غیر صحیح، لذا أقترح للقضاء على المستغلین إنتخاب هیئة أمناء من نفس صنادیق القرضة الحسنة و من الأشخاص المعروفین و حسنی السمعة و أصحاب الذوق، و لتشرف علیهم بعض المؤسسات الحکومة، لا أن تتدخل مباشرةً، و هذا الأمر یؤدی الى بعث الأمل و الاطمئنان فی قلوب الناس.
و فی قسم آخر من حدیثه و ضمن إنتقاده لبعض صنادیق القرضة الحسنة التی تتاجر تحت لواء هذا الاسم، قال سماحته: یجب الفصل بین مسألة صنادیق القرضة الحسنة و الصنادیق التجاریة، للأسف یأخذ البعض أرباحاً بمقدرا 28% باسم صنادیق القرضة الحسنة، قلنا مراراً أن الأجور التی تأخذها تلک الصنادیق عبارة عن أجور الموظفین، الماء، الکهرباء، و الهاتف و لایجوز أن تصبح الأجور أکثر من ذلک، بناءاً على هذا یجب أن یکون الحد الأقصى لفوائد صنادیق القرضة الحسنة 2ـ3%، قولوا بصراحة نرید أن نتاجر، و سمّوا ذلک الصندوق التعاونی ـ التجاری حتى ینفصل حسابکم عن القرضة الحسنة بالمرّة.
و أخیراً ذکّر سماحته: أنّ قسماً کبیراً من صنادیق القرضة الحسنة الحالیة تعتبر إنفاقاً فی سبیل الله تعالى، لأنّ کل إنسان یعلم أنّه لو أعطى نقوداً لشخص آخر فستضعف القدرة الشرائیة له فی السنة القادمة مع هذه الحرکة النقدیة فی إقتصادنا، و إذا مضى على ذلک ثلاث سنوات فکأنّنا و هبناه تلک النقود، ففی الحقیقة ذلک إنفاق و قرض فی نفس الوقت.