علیکم أیها الأخوة أن تعلموا أن لکل إنسان من وجهة نظر الاسلام أربعة أنواع من العلائق فی حیاته المادیة والمعنویة : علاقته بالخالق ، وعلاقته بالمخلوق ، وعلاقته ببیئته المحیطة به والتی یعیش فیها ، وعلاقته مع نفسه . وقد وضع الاسلام لکل واحد من هذه العلاقات منهجاً وبرنامجاً دقیقاً ، من شأنه أن یوصل الانسان الى السعادة والهناء وأرفع درجات القرب الالهی المنشود اذا ما طبق بصورة صحیحة .
ومن بین هذه الأنواع الأربعة من العلاقات تبرز أهمیة علاقة الانسان بربه ، والصلاة خیر وسیلة لتعزیز وترسیخ هذه العلاقة ؛ إذ إنها تمثل عبادة تطهر روح الانسان من الأدران والأقذار ، وتجلو القلب من صدأ الذنوب ، وتنهى عن الفحشاء والمنکر ، وتغسل غبار المعصیة وتزیله عن وجود الانسان بماءها العذب ، کما أنها تمثل سلّماً للارتقاء الى قمة سماء التقوى والفضیلة والقرب الالهی المبتغى .
ثم إنکم لو ألقیتم نظرة الى السجون ومن فیها من الأشرار والمجرمین وتجار الموت والمواد المخدرة والمحتالین القابعین فی زوایا الزنازین ، لما وجدتم فیهم أحداً من المصلین ؛ إلا أن یکون قد ندم على ما بدر منه ، وشرع بأداء الصلاة فی السجن ، وبهذا ندرک ما للصلاة من أثر عمیق فی الحدّ من ارتکاب أنواع المعاصی والآثام .
والمهم فی الأمر أن تکون الصلاة ذات روح کیما تترتب علیها الآثار المذکورة ، وروح الصلاة هی الحضور إزاء المحبوب ؛ أی على المصلی أن ینسى کل شیء إلا الله حالما یکبر التکبیرة الأولى ویغرق فی مناجاة الباری جل وعلا ، إذ یعبر الفقهاء عن ذلک ب"الحضور القلبی" ، وهذه أصعب مراحل الصلاة ، إلا أنها ممکنة التحقق بالتمرّن والممارسة المتکررة والایحاء وطلب تحققها منه تعالى .
أتمنى علیکم أیها الأعزة أن تستطیعوا نشر ثقافة الصلاة بین کافة شرائح المجتمع ، خاصة الجیل الشاب الذی یفتقر الیها بشدة ، وذلک من خلال البرامج المتنوعة التی تعتزمون تنفیذها .
وأنا بدوری أقدم جزیل الشکر لکافة الأخوة والأخوات المساهمین فی هذا الملتقى والقائمین علیه والمتصدین له ؛ سائلاً المولى العلی القدیر أن یوفق الجمیع ویأخذ بأیدیهم الى شاطیء السلام.