إنّ هؤلاء الشبّان عندما رأوا ما علیه الوهابیین المتشددین من وحشیة و عنف و قسوة فی سفک الدماء الأبریاء من جهة، ورأوا العواطف الجیّاشة لدى أتباع أهل البیت(علیهم السلام) من جهة أخرى ودعوتهم للصلح و المحبّة، انجذبوا بدافع الفطرة الإلهیّة لهذا المذاهب.
مضافاً إلى ذلک فإنّ منع مطالعة کتب علماء أهل البیت و التعتیم الاعلامی و الفکری الذی یمارسه الهوابیون تجاه فکر أهل البیت(علیهم السلام) أدّى إلى إثارة حبّ الاطلاع لدى هؤلاء الشبّان و توجههم إلى المذهب الذی تتخذ من حریة البحث و التحقیق شعاراً له.
هؤلاء یرون أن مکتبات الوهابیین تفتقد لأی کتاب من کتب علماء الشیعة فی حین أنّهم یسمعون بأنّ مکتبات الشیعة زاخرة بالکتب الفقهیة و الأصولیة و الروائیة و التاریخیة و الکلامیة لأهل السنّة.
إنّ هذا الاهتمام المتزاید من قبل شبّان الوهابیین بمذهب الشیعة، أغضب المفتیین السعودیین و المتشددین إلى درجة أنّهم فی کل یوم یصدرون فتوى جدیدة ضد الشیعة تتضمن غالباً أنواع التهم و الأکاذیب، و یسبحون أنّهم یستطیعون بهذه الفتاوى الوقوف أمام هذه الأمواج العاتیة، الأموااج التی انتجت حکومة الجمهوریة الإسلامیة و أبرزت الاقتدار العجیب لحزب الله فی لبنان، و هیمنة الشیعة فی العراق.
و أخیراً و کما أذیع فی الأخبار أنّ أحد علماء الوهابیین المتشددین أفتى بجواز الأکل من ذبیحة الیهود و النصارى، و لکن یحرم الأکل من ذبیحة الشیعة، لأنّ عند الذبح ینطقون باسم (یا حسن و یا حسین) بدل (باسم الله) و هذا شرک.
إنّ هذه المقولة الزائفة یستهزىء منها کل شیعی لأنّه یعلم أنّ الشیعة بأجمعهم فی العالم یذبحون الأنعام بقولهم (باسم الله) و یشترط فقهاء الشیعة فی کتبهم بدون استثناء وجوب ذکر (باسم الله) و هذا الأمر إلى درجة من الوضوع أنّ البسملة وردت فی الأدبیات الفارسیة کنایة عن ذبح الحیوان.
ولحسن الحظ أنّ هذه الفتاوى التی تقوم على أساس الکذب و الزیف لیس فقط لم تبعد أحداً عن مذهب أهل البیت(علیهم السلام)، بل کان لها تأثیر کبیر فى نشر و اشاعة الفکر الشیعی و عقائد التشییع.
نحن ننصح هؤلاء بأنّ الأفضل بدلاً من طرح هذه المقولات الزائفة، أن نجلس سویة یتعرف أحدنا على الآخر بشکل أفضل، و نستبدل البغضاء و الأحقاد بالمحبّة و الصداقة و نترک الشبّان أحراراً فی ما یتخذونه من طریق فی حیاتهم و یعملوا وفق ما تقتضیه عقولهم و یحکم به وجدانهم.
(مکتب سماحة آیة الله العظمى مکارم شیرازى (دام ظلّه