بسم الله الرحمن الرحيم
إن ما يتعرض له اليوم شعبُ فلسطين المظلوم من هجمة إسرائيلية وحشية، قد تخطى وفاق كل التصورات والمقاييس الإنسانية، ولم يكن للمشهد الإجرامي الهمجي الذي نراه يومياً نظيرٌ في تاريخ العالم، فقد مارس الإسرائيليون فيه أبشع أنواع القتل بحق النساء والمدنيين الفلسطينيين الأبرياء، وباتت البيوت الآمنة والمدارس والمستشفيات هدفاً سائغاً لعدوانهم الغاشم، وجميع هذه الجرائم كانت بمرأى ودعم وتأييد من أمريكا وأوربا.
إن هذه الجرائم البشعة التي تعرّض لها الفلسطينيون، والتي يندى لها جبينُ الإنسانية، قد أظهرت للعالم اليوم ـ وبوضوح لا لبس فيه ـ مجموعة من الحقائق كانت مغيّبة سابقاً ولم يكن لها هذا المقدار من الظهور:
فقد اتضح أولاً: إن هذا النظام الإسرائيلي الغاصب لا يلتزم بأي قانون إنساني أو إلهي، وأنه يبيح كل الممارسات الإجرامية مهما كانت؛ للوصول لأهدافه غير المشروعة.
وثانياً: ثبت بنحو واضح أن المؤسسات الدولية التي ترعى حقوق الإنسان ليس لها أي كفاءة تؤهلها للقيام بمهامها، وبدلاً عن وقوفها بجانب المضطهدين والمحرومين وحمايتهم أضحت آلةً بيد الدول الظالمة تساعد على اضطهادهم وقتلهم وتشريدهم.
وثالثاً: انكشف بنحو واضح جداً أن إعلان حقوق الإنسان العالمي هو مجرد ورقة لا قيمة لها إطلاقاً، وباتت مقرراته أقرب للخيال والسخرية وأبعد عن الواقع والحقيقة.
إن هذه الحرب على أهلنا في غزة، مع قساوتها وهمجيتها وعنفها المفرط، ومع ما خلّفتهُ من مصائب وويلات، لكنها في الوقت ذاته قد أثمرت في أنها أيقظت ضمير العالم الإنساني بنحو أكثر من السابق تجاه حقيقة دولة إسرائيل الغاصبة، وتجاه حقيقة المؤسسات الدولية الهزيلة، وزيف الذين يدعون حقوق الإنسان.
اليوم نعتقد أنه يجب على كل المسلمين بشتى طوائفهم، وعلى العالم أجمع بمختلف أديانه ـ باستثناء الدول المسلوبة الإرادة ـ تأدية واجباتهم الأخلاقية والدينية حيال هذه الكوارث والفجائع التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، ومن أهم هذه الواجبات:
أولاً: أن يصرخ الجميع بأعلى أصواتهم صرخة رجل واحد بوجه هذا الشرير المجنون؛ لإيقاف جرائمه الفظيعة والحيلولة دون استمرارها.
وثانياً: أن يقوم الجميع ـ بخلاف ما تطمح له إسرائيل من خلع سلاح الفلسطينين ـ بتسليح كل شعب غزة وحواليها، وبنحو أكثر من السابق؛ لأن العقل والشرع يحكم بأن هذا العدو المجنون والغاشم لا يكف عن عدوانه إلا بقوة السلاح.
وثالثاً: ينبغي على الجميع عدم تجاهل الجرحى الفلسطينين، ووجوب مدارتهم وتخفيف الألم عنهم، وضرورة معالجتهم في المستشفيات، كالمستشفيات الإيرانية وغيرها.
كما ويجب الاهتمام بترميم البيوت والأبنية التي دمرتها إسرائيل في أول فرصة تسمح بذلك بعد أن تهدأ النفوس وتلتئم جروح قلوب الأعزاء في غزة.
وأخيراً: ينبغي فضح الممارسات الصهيونية من مجازر وحشية في الإعلام والأخبار والصحف وغيرها، وعدم تجاهلها ونسيانها؛ برغم التكتيم الإعلامي الداعم لإسرائيل.
وفق الله الجميع للعمل بوظائفهم تجاه هذه المسؤولية العظيمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2-8-2014 م