و قال: إن القضاء یمثل إحدى التجارب و الاختبارات التی تواجه الثورة الاسلامیة، فاذا ما نجحت تجربة القضاء فیعد هذا النجاح نجاحاً للثورة الاسلامیة، و إذا ما أخفقت، فان ذلک یمثل إخفاقاً للثورة الاسلامیة، هذه الثورة التی یجب أن تکون القدوة و النموذج لکافة الدول الاسلامیة، و اذا ما تعثرت لاسمح الله فی تجاربها فان ذلک بمثابة ضربه توجه الى صمیم الثورة الاسلامیة.
و اذا ما تجسد هذا الکلام بشکل عملی فان ذلک سیوفر علینا میزانیة و خسائر قلیلة و ستکون له آثاراً طیبة و جذریة.
و هذا العمل یحمل بعداً ثقافیا قبل کل شیء، حیث یجب على الحوزات العلمیة و الجامعات و وسائل الاعلام و ذوی الآراء و الافکار النیرة أن یضعوا یداً بید من أجل نجاح العمل الثقافی، و الذی یترتب على نجاحة تقلیص حجم ملفات الدعاوى القضائیة، مما یخفف عن کاهل الجهاز القضائی، فیتمکن عندها من الحرکة و القیام بممارسة أعماله و خدماته براحة بال و طمأنیته و سلامة.
و فی جانب من کلامه خاطب سماحته الذین یقولون بان الفساد و الفحشاء إزدادت فی البلاد و ان ملفات الشکاوى تراکمت فی المحاکم، فقال: اننا نعیش فی زمان أصبحت فیه وسائل الاعلام لاعد و لاحصر - لها، فکل الجرائم و الفساد الذی یقع فی العالم نشاهده یعرض فی بیوت الناس من خلال الاجهزة الاعلامیة، و هذا أمر مشکل جداً، فالانترنت و الدش و الستالایت و عوامل الافساد متوفرة و موجودة فی کل مکان، فیترتب على ذلک إنتشار الفساد و الجریمة و الوقوع فی الذنوب و المعاصی.
طبعاً کل ذلک قابل للعلاج، و لکل مرض و ابتلاء هناک اسالیب للوقایة، فیجب أن نهتم بالوقایة اهتماماً خاصاً.
و قد أبدى سماحته أسفه من الخلط بین المسائل القضائیة والمسائل السیاسیة، فقال:
إن الاعداء فی الخارج و الداخل أخذوا یوجهون الضغوط و الاتهامات للجهاز القضائی بسبب المسائل السیاسیة، فی حین ان ذلک لم یکن فی السابق، حیث ان القضاء کان مستقلا و بعیداً عن المسائل السیاسیة، فالقضاء کان یمارس عمله بصورة مستقلة، و الجهاز السیاسی کان یمارس عمله بعیداً عن التدخل فی شؤون القضاء.
و فی معرض کلامه المح آیة الله العظمى مکارم الشیرازی بقوله: هناک ثقافة أخذت تتبلور أخیراً فى البلاد و بشکل تدریجی، و هی فی حالة نمو، و تحمل فی مکامنها و طیاتها خطراً کبیراً یجب الوقوف امامها، و هذه الثقافة، هی أن بعض الأشخاص من حملة الأقلام یتمتعون بالحصانة، و أن مواجهة هؤلاء یعتبر تعدیاً على حریة القلم، فعضو مجلس الشورى الاسلامی یتمتع بالحصانة المطلقة و یتصرف داخل المجلس و کأنه معصوم عصمة مطلقة، و کل ما یفعله أو یقوم به مباحاً له ولا یحق لاحد یقف أن أمامه، فی حین أنه یجب القول بأنه لایوجد معصوم غیر الانبیاء و الائمة المعصومین(علیهم السلام)، و الکل سواسیة أمام القانون، فالکاتب ممکن أن یخطأ و یرتکب جریمة، و الخطیب ممکن أن یکون کلامه جرماً، و عضو المجلس یمکن أن یکون مجرماً، فلا معنى للحریة بدون قانون لا معنى للحریة بدون قید أو شرط.
و قد أکد سماحته على ضرورة و اهمیة استمرار القضاة فى التحصیل و المعرفة و تبادل المعلومات و
التجارب و الخبرات. و دعا سماحته القضاة الى التحلی بالصبر و التحمل وسعة الصدر و الاخلاق الفاضلة أثناء تعاملهم مع أبناء الشعب، و قال: حاولوا أن تکون معاملتکم مع الناس بالحسنى، لاتتحدثوا معهم من موقع القوة و السلطة، بل من موقع المحبة و اللطف و المداراة، و لا تستعجلوا باحکامکم و لا تترددوا، یجب أن تکون الدقة رائدکم الاساسی لکی تصلوا الى الحقیقة، فاذا ما اتضحت الحقیقة فتصرفوا مع الامور بحزم.
و من الجدیر بالذکر ان حجة الاسلام و المسلمین الشیخ طالبی رئیس الجهاز القضائی فی محافظة قم المقدسة قدم صورة فی بدایة الجلسة الى سماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی«مدظّله الوارف» شرح فیها الخدمات المختلفة التی یضطلعُ بها الجهاز القضائی فی محافظة قم و قدم تقریراً احصائیاً للملفات القضائیة الموجودة و کیفیة التعامل معها، حیث انخفض عدد هذه الملفات فی الآونه الاخیرة نتیجة للعمل المستمر و الرؤوس لقضاة المحاکم، و شرح لسماحته تشکیلات الجهاز القضائی فی محافظة قم المقدسة.