الإمام علی علیه السلام مصداق «خیر البریّة»

الإمام علی علیه السلام مصداق «خیر البریّة»


من هو المقصود في قوله (خیر البریّة) في الآية 7 من سورة «البیّنة»؟‌

من هو المقصود في قوله (خیر البریّة) في الآية 7 من سورة «البیّنة»؟

ثمّة روايات كثيرة بطرق أهل السنة في مصادرهم الحديثية المعروفة، وهكذا في المصادر الشيعية، فسّرت الآية:(اُولئك هم خير البريّة) بأنهم علي وشيعته.
«الحاكم الحسكاني النيسابوري» عالم أهل السنة المعروف في القرن الخامس الهجري نقل هذه الرّوايات في كتابه المشهور «شواهد التنزيل» بطرق مختلفة، ويزيد عدد هذه الرّوايات على العشرين نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:
1 ـ عن ابن عباس قال: عندما نزلت آية: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم خير البريّة) قال رسول اللّه لعلي: «هو أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ويأتي عدوك غضباناً مقحمين».
2 ـ وعن أبي برزة قال: حينما تلا رسول اللّه هذه الآية قال: «هم أنت وشيعتك يا علي، وميعاد ما بيني وبينك الحوض».
3 ـ وعن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال: كنّا جالسين عند النبيّ جوار الكعبة، فاقدم علينا علي، وحين رآه النبيّ قال: «قد أتاكم أخي»، ثمّ التفت إلى الكعبة، وقال: «وربّ هذه البيّنة! إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة» .
ثمّ التفت إلينا وقال: «أما واللّه إنّه أوّلكم إيماناً باللّه، وأقومكم بأمر اللّه، وأوفاكم بعهد اللّه، وأقضاكم بحكم اللّه، وأقسمكم بالسوية، وأعدلكم في الرعية وأعظمكم عند اللّه مزية»
قال جابر: فأنزل اللّه: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اُولئك هم خير البريّة) فكان علي إذا أقبل قال أصحاب محمّد قد أتاكم خير البرية بعد رسول الله.
نزول هذه الآية في جوار الكعبة لا يتنافى مع مدنية السّورة. إذ من الممكن أن تكون من قيبل النزول المجدد، أو التطبيق، أضف إلى ذلك أنّ نزول هذه الآيات لا يستبعد أن يكون خلال أسفار النّبي إلى مكّة من المدينة، خاصّة أنّ الراوي (جابر بن عبد اللّه الأنصاري) قد التحق بالنّبي في المدينة. بعض هذه الأحاديث رواها ابن حجر في الصواعق، ومحمّد الشبلنجي في نور الابصار.
وجلال الدين السيوطي نقل القسم الأعظم من الرّواية الأخيرة عن ابن عساكر عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري.
4 ـ في «الدر المنثور» عن ابن عباس قال: «حين نزلت آية: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اُولئك هم خير البريّة). قال رسول اللّه لعلي: «هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين».
5 ـ وفي الدر المنثور أيضاً عن ابن مردويه عن علي (عليه السلام) قال: «قال لي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): ألم تسمع قول اللّه(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اُولئك هم خير البريّة)؟ أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جاءت الاُمم للحساب تدعون غرّاً محجلين».
كثير من علماء السنة، سوى من ذكرنا، نقلوا مثل هذه الرّوايات في كتبهم منهم: الخطيب الخوارزمي في المناقب، وأبو نعيم الأصفهاني في كفاية الخصام، والعلاّمة الطبري في تفسيره، واين صباغ المالكي في الفصول المهمّة، والعلاّمة الشوكاني في فتح الغدير، والشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة، والآلوسي في روح المعاني.
باختصار هذا الحديث من الأحاديث المعروفة المشهورة المقبولة لدى أكثر علماء الإسلام، وفيه بيان لفضيلة كبرى من فضائل علي وأتباعه.
وهذه الرّوايات تدل ضمناً أنّ كلمة «الشيعة» باعتبارها اسماً لأتباع علي (عليه السلام)كانت قد شاعت منذ عهد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بين المسلمين على لسان الرّسول نفسه. وأُولئك الذين يخالون أنّ الكلمة هذه ظهرت في عصور متأخرة في خطأ كبير(1).

 

(1) التفسير الأمثل، المجلد 27، الصفحة 233.

captcha