ما هي المواثيق التي أخذها الله تعالى من بني اسرائيل؟

ما هي المواثيق التي أخذها الله تعالى من بني اسرائيل؟


على أي حال، هذا الميثاق يرتبط بالمسائل العملية، لا بالجانب الاعتقادي، فالمعتقدات لا يمكن تغييرها بالإكراه. ‌

قال تعالى في محكم كتابه الكريم: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَـكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَـكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا ءَاتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
الميثاق الوارد في الآية هو عبارة عن: توحيد الله، والإحسان إلى الوالدين والأقربين واليتامى والمساكين، والقول الصالح، وإقامة الصلاة، وأداء الزكاة، واجتناب سفك الدماء، هذه المواد وردت في التوراة كذلك.
ويتضح من الآية (12) في سورة المائدة أيضاً أنّ الله أخذ ميثاق بني إسرائيل أن يؤمنوا بجميع الأنبياء ويساندوهم، وأن ينفقوا في سبيل الله. وفي هذه الآية ضمان للقوم بدخول الجنة إن عملوا بهذا الميثاق.
بحوث
1ـ رفع جبل الطور: أمّا بشأن كيفية رفع جبل الطور في قوله تعالى: (وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ آلطُّورَ). يقول الطبرسي عن أبي زيد: حدث هذا حين رجع موسى من الطور، فأتى بالألواح، فقال لقومه: جئتكم بالألواح وفيها التوراة والحلال والحرام فاعملوا بها. قالوا: ومن يقبل قولك؟! فأرسل الله عزّ وجلّ الملائكة حتى نتقوا (رفعوا) الجبل فوق رؤوسهم، فقال موسى(ع): إن قبلتم ما آتيتكم به وإلّا أرسلوا الجبل عليكم، فأخذوا التوراة وسجدوا لله تعالى ملاحظين الجبل (أي وهم ينظرون إلى الجبل من طرف خفي)، فمن ثم يسجد اليهود على أحد شِقّي وجوههم.
الطبرسي ـ كما ذكرنا ـ وجمع من المفسرين، يذهبون إلى أنّ جبل الطور رفع فوق رؤوس بني إسرائيل بأمر الله لايجاد الظل عليهم.
ويحتمل أيضاً أن تكون قد انفصلت من الجبل صخرة عظيمة بأمر الله على أثر زلزال شديد أو صاعقة، ومرّت فوق رؤوسهم في لحظات، فرأوها وتصوروا أنها ستسقط عليهم.
2ـ الإلتزام والإرهاب: مسألة رفع الجبل فوق بني إسرائيل لتهديدهم عند أخذ الميثاق تثير سؤالاً بشأن إمكان تحقيق الالتزام عن طريق التخويف والإرهاب.
هناك من قال: إنّ رفع الجبل فوقهم لا ينطوي على إرهاب وتخويف أو إكراه، لأن أخذ الميثاق بالإكراه لا قيمة له.
الأصح أن نقول: لا مانع من إرغام الأفراد المعاندين المتمردين على الرضوخ للحق بالقوّة. وهذا الإرغام مؤقت هدفه كسر أنفتهم وعنادهم وغرورهم، ومن ثم دفعهم للفكر الصحيح، كي يؤدّوا واجباتهم بعد ذلك عن إرادة واختيار.
على أي حال، هذا الميثاق يرتبط بالمسائل العملية، لا بالجانب الاعتقادي، فالمعتقدات لا يمكن تغييرها بالإكراه.
3ـ خذوا تعاليم السماء بقوة: خاطب الله سبحانه بني إسرائيل فقال: (خُذُوا مَا ءَاتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ). وعن هذه الآية سئل الإمام جعفر بن محمّد الصّادق(ع) عن المقصود من القوة في هذه الآية: أبقوة بالأبدان أم بقوة في القلوب؟ قال: «بهما جميعاً».
وهذا الأمر الإلهي يتجه إلى كل أتباع الأديان الإلهية في كل زمان ومكان، ويطلب منهم أن يتجهزوا بالقوى المادية والقوى المعنوية معاً، لصيانة خط التوحيد وإقامة حاكمية الله في الأرض.
captcha