رسالة سماحته الى زعيم الكنيسة الكاثوليكية في العالم وبابا الفاتيكان

رسالة سماحته الى زعيم الكنيسة الكاثوليكية في العالم وبابا الفاتيكان


إن الإسلام ينشد الرحمة والمحبة والتعايش السلمي مع جميع دعاة الصلح العالمي، ويمقت العنف وعمليات الاغتيال. كما يعتقد علماء الإسلام أن العنف يتعارض – في أي مكان كان – مع تعاليم القرآن المجيد، ويدينه سواءً وقع في الدول الإسلامية أو الدول الأوروبية والأميركية.‌

 

بسم الله الرحمن الرحيم

سيادة البابا فرانسيس

زعيم الكنيسة الكاثوليكية في العالم

نهدي لكم التحية والسلام

 

إنني سعيد جداً بمواقفكم الجيدة بشأن تبرئة الإسلام وجميع الأديان الإلهية من العنف والاغتيال، والتي جاءت خلال مقابلة صحفية أجريتموها في زيارتكم الأخيرة إلى بولندا.

إن موقفكم المنطقي تجاه الدين الإسلامي وتبرئته من الأعمال المنافية للإنسانية التي ترتكبها الجماعات التكفيرية من أمثال داعش، يستحق الثناء والتقدير.

فلا شك في ان اتخاذ المواقف الواضحة والقوية من قبل الزعماء الدينيين ضد العنف لا سيما العنف الذي يمارس بإسم الدين في أي رقعة من أرجاء العالم، يعدّ أمراً لازماً وضرورياً.

ومن هنا، فإنني أدين بشدة العمل الإرهابي والجنوني الذي قام به بعض العناصر التكفيرية في إحدى الكنائس الفرنسية، وأدى إلى مقتل قسيس، وكما  أشرت في رسالتي السابقة إلى سيادتكم، أعلن بصراحة أن جميع علماء العالم الإسلامي والغالبية العظمى من المسلمين، يعتقدون بأن الجماعات التكفيرية خارجة عن الدين الإسلامي، وتمثّل بلاءً عظيماً للبشرية المعاصرة.. إن حناجرنا تصدح بذلك منذ سنوات.

فالإسلام ينشد الرحمة والمحبة والتعايش السلمي مع جميع دعاة الصلح العالمي، ويمقت العنف وعمليات الاغتيال. كما يعتقد علماء الإسلام أن العنف يتعارض – في أي مكان كان – مع تعاليم القرآن المجيد، وهو مدان بشدة سواءً وقع في الدول الإسلامية أو الدول الأوروبية والأميركية.

وأودّ أن أحيطكم علماً بأننا عقدنا في العامين الأخيريين في مدينة قم المقدسة، مؤتمرين دوليين حول انحراف ومخاطر التيارات التكفيرية، ودعونا علماء بارزين من ثمانين دولة أجمعوا على أن الارهاب والعنف وقتل الناس عملٌ مدان ويتعارض مع التعاليم الإسلامية، محذرين الأقلية الجاهلة والقاسية والمريقة للدماء بأن مصيرها جهنم!

ولا شك في أنه لولا الدعم الذي تتلقاه الجماعات التكفيرية والارهابية من بعض الدول المهيمنة التي ترعى الارهاب لتحقيق مصالحها، فإن مصير هذه الجماعات كان إلى الزوال.

وانطلاقاً من تصريحاتكم، فإن أعمال العنف التي تحدث هنا وهناك لا صلة لها بالأديان والمذاهب وان جذورها تمتد للمصالح المادية الدنيئة وغير المشروعة لبعض الدول الاستكبارية.

إن الرأي العالمي – ولله الحمد – أضحى واعياً إلى حد كبير لللعبة، ويمكن أن نأمل بأن مآل هذه الأعمال المتطرفة إلى الزوال.

في الختام أسأل الله تعالى لسيادكم التوفيق في أداء الرسالة المناطة بكم في نشر الأخوة واقامة الصلح وبث المعنوية في العالم.

 

قم – المرجع الديني مكارم الشيرازي

الوسوم :
captcha