البيان الختامي للمؤتمر الدولي حول مخاطر التيارات التکفيرية في عالمنا المعاصر

البيان الختامي للمؤتمر الدولي حول مخاطر التيارات التکفيرية في عالمنا المعاصر


في الختام، نأمل أن يضع المسلمون السيرة العطرة للنبي الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نصب أعينهم، وتکون المقصد النهائي لجميع العلماء والمفکرين في العالم.‌

بسم الله الرحمن الرحيم
البيان الختامي للمؤتمر الدولي حول مخاطر التيارات التکفيرية في عالمنا المعاصر
﴿ولاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾


الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
لا شکّ في أنّ الظروف الراهنة هي من أشدّ المراحل التاريخية قساوة التي مرّت على العالم الإسلامي، فالتيارات المتطرّفة والتکفيرية من خلال أفکارها والفتاوى التي تصدرها وبثّها للفُرقة والاختلاف هيّأت أسباب القتل والعنف والحرب الطائفية بهدف حرف المسلمين عن القضايا الأصلية التي تهمّ العالم الإسلامي، وتعزيز جبهة أعداء الإسلام. وفي ضوء هذه الحوادث، يجب على العلماء المسلمين نبذ هذه التيارات وعزلها والتعريف بالإسلام الأصيل وذلک في إطار القيام برسالتهم التاريخية.
على هذا الأساس، التئم المؤتمر الدولي حول سبل مواجهة التيارات المتطرّفة والتکفيرية في مدينة قم بتاريخ 28-1-2016م تلبية لدعوة المرجع الديني الکبير وبحضور مئات العلماء من الفريقين الذين عبّروا عن استنکارهم الشديد للسلوکيات المتطرّفة أيّاً کان مذهبها أو طائفتها، کما أکّدوا بهذه المناسبة على المحاور التالية:
الإسلام دين الرحمة والألفة وهو بريء من سلوکيات القتل والعنف. والرسول المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو قدوة المسلمين وقد وصفه القرآن الکريم بـ﴿إنّکَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم﴾، من هنا، ينبغي لجميع المسلمين أن يتمثّلوا مفاهيم العيش السلمي المشترک في سلوکهم الاجتماعي مع أتباع سائر المذاهب والأديان، وأن يبتعدوا عن الجدال أو أيّ عمل يزعزع أسس التعايش السلمي بين أتباع مختلف الأديان والمذاهب.
طبقاً لسنّة النبي الأکرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسيرته القطعية، فإنّ المسلم هو من نطق بالشهادتين وبها يصان دمه وماله وعرضه، وأيّ استنباط في هذا المجال إنّما هو اجتهاد في مقابل النص.
بإجماع العلماء کافة، فإنّ رکن الکفر هو الإنکار الصريح لضروري الدين، ومن حيث أنّ أيّاً من الاختلافات المطروحة في العالم الإسلامي ليست من ضروريات الدين، لذلک، لا يحقّ لأيّ فرد أو جماعة التعرّض للآخرين لأسباب ومسوّغات واهية.
إنّنا نستنکر بأقوى العبارات الجرائم التي ترتکبها الجماعات التکفيرية في مختلف بلاد المسلمين، وکذلک الآراء والأعمال التي يرتکبها نفر قليل من مثيري الفتن على شاشات القنوات الفضائية، ونطالب علماء المسلمين کافة من جميع المذاهب والطوائف بالبراءة من المتطرّفين دون تحفظ أو مراعاة لاعتبارات سياسية أو طائفية، وأن يصدّروا فتاوى وبيانات رسمية يحذّروا فيها المسلمين من الانزلاق إلى أتون الحرب المذهبية.
لمّا کان سعي أعداء الإسلام هو توظيف هذه الظواهر المتطرّفة لتحقيق مطامعهم الاستکبارية والهيمنة على مقدّرات العالم الإسلامي، واللجوء إلى مشروعهم الخبيث في الإسلاموفوبيا للحدّ من انتشار الإسلام في العالم، فإنّ العلماء المشارکين في هذا المؤتمر يعلنون عن معارضتهم الصريحة لجميع التيارات المتطرّفة والتکفيرية، ويؤکّدون على أنّه لا تربطها بالإسلام والمسلمين أيّة علاقة لا من قريب ولا من بعيد.
يطالب العلماء المشارکون في المؤتمر جميع الساسة في المنطقة الابتعاد عن السياسات التي تؤجّج العنف والتکفير، والامتناع عن اتّخاذ أيّة خطوات عملية على طريق الحرب المذهبية، وأنّ إجراء الحوار والمحادثات هي الحل الأمثل للتعاطي مع جميع مشاکل المنطقة وأنّ الصلح هو حسن العاقبة وعلى حدّ تعبير القرآن الکريم فإنّ «الصلح خير».
إنّ کلمة السرّ وراء رفعة الأمة الإسلامية ونجاحها، هي الوحدة، وإنّ الطريق إلى إعادة خلق الحضارة الإسلامية الحديثة ونشر الثقافة الإسلامية الأصيلة الحيّة على صعيد العالم يمرّ عبر التعاون والتعاضد بين أفراد هذه الأمة. لذا، يجب في هذا السياق، أن نعقد العزم ونشدّ الهمّة من أجل اعتلاء کلمة الله وتأسيس حضارة جديدة، ونمتنع عن أيّ قول أو تصرّف يمکن أن يحول بيننا وبين تحقيق هدفنا الأصلي.
في ضوء مبادرة المرجع الديني الکبير سماحة آية الله العظمى مکارم شيرازي(دام ظله الوارف) المتمثلة في استحداث أمانة عامة دائمة للمؤتمر الدولي حول مواجهة التيارات المتطرّفة والتکفيرية، فإنّنا نمد يد الوحدة والتضامن إلى جميع علماء العالم الإسلامي في جميع أنحاء العالم، ونرجو منهم دعمنا ومساندتنا في هذه المسؤولية الخطيرة. وفي هذا الإطار، ترى الأمانة العامة للمؤتمر أنّ واجبها يملي عليها أن تواکب جميع الذين يبذلون الجهود في سبيل وحدة العالم الإسلامي وارتقائه، والتصدّي للتطرّف والتکفير بالنصيحة الأخوية والموعظة الحسنة وتطالب الشباب المسلم الامتناع عن الأعمال التي يمکن أن تسبّب ضرراً للإسلام والمسلمين.
في الختام، نأمل أن يضع المسلمون السيرة العطرة للنبي الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نصب أعينهم، وتکون المقصد النهائي لجميع العلماء والمفکرين في العالم.

 

الوسوم :
captcha